حكمــة اليوم

ثِق بِأَن الْصَّوْت الَهـادِئ أَقْوَى مِن الْصُّرَاخ؛وَأَن الْتَهـذِيْب يَهـزَم الْوَقـآَحّة ., وَأَن التَّوَاضُع يُحَطِّم الْغُرُوْر.

الأربعاء، 16 مارس 2011

امرأة على عرش مصر



من العربية نت: أكدت المستشارة نهى الزيني، نائبة رئيس هيئة النيابة الإدارية في مصر، أنها لا تنوي ترشيح نفسها في الانتخابات القادمة للرئاسة بسبب الظروف الحالية والثقافة السائدة في الشارع المصري وفهم الضوابط التي تولي هذا الأمر من الناحية الشرعية.
وقالت لـ"العربية.نت" إنها تؤيد بشكل قاطع ترشح المرأة لهذا المنصب لأنه يعتبر وظيفة في الدولة وليس ولاية عامة."

امرأة تحكم مصر!!... مسألة معقدة جدا
بادئ ذي بدء مصر القديمة صاحبة الحضارة الفرعونية العريقة احترمت المرأة و اقرت بدورها و مشاركتها للرجل في نهضة الامة و العمل خارج المنزل و هذا طبيعي في بلد زراعي قامت حضارته على الزراعة فنرى نقوش تصور النساء و هن يعملن في الزراعة و هناك بعض الاعمال الزراعية التي يعمل فيها النساء دون الرجال لمهارتهن في ذلك مثل جني القطن.
و بصراحة و دون مواربة ثقافة تحقير النساء لم تأتي لنا الا من العرب و طبعا اخذت مصر كثير ثقافات سلبية و ايجابية من شعوب اخرى امتزجت بها سواء بالهجرات او الاحتلال او ايا كان المهم ان العرب ليسوا وحدهم من جلب لنا ثقافات و عادات سيئة...
المهم ان هذا القول ليس المقصود به عنصرية ضد العرب و لكن اذا نظرنا لبيئتهم حيث الصحراء جرداء الحياة فيها شاقة و صعبة جدا حيث الحصول على الماء و الكلأ صعب و يحتاج لشدة وقوة الرجال فيرتحلون شمالا و جنوبا للتجارة و يجوبون الصحراء و يحفرونها بحثا عن الماء الى جانب ما اشتهر عن بعض قبائل العرب من انها كانت تغزو مناطق بعضها البعض و تأسر النساء و الاطفال و تستخدمهم كعبيد و اماء... فيكون طبيعيا ان دأب سكان الصحراء على تهميش تلك الكائنات الضعيفة التي لا تقدر على الاعمال الشاقة و التي تمثل حملا و عبئا ثقيلا في الحروب و يجلبون للقبائل عار العبودية و الاسر مع ملاحظة ان بعض شعوب الحضارات القديمة كاليونانيين عرف عنهم ايضا النظر بدونية للنساء فلم يكن لها حتى حق ادلاء الرأى في الديموقراطية المعيوبة التي ابتدعوها.....لذا بالنسبة للعرب اشتهرت بعض قبائلهم بعادة وأد الاناث تلك العادة القميئة التي حرمها الاسلام....الاسلام الذي ما ان نزل حتى حاول الارتقاء بالعرب من حياة البادية حياة اللاحضارة الى حياة المدنية فنبذ الحكم القبلي الذي يستأثر فيه شيخ القبيلة و كبارها بالرأى و القرار و استبدله بالشورى و المبايعة اى الجميع يبدي رأيه في شأن الأمة ,و القائد الذي كان متمثلا في شخص الرسول صلى الله عليه و سلم و من بعده صحابته الراشدين رضي الله عنهم اجمعين يستمع لهذه الآراء و يحترمها حتى لو كانت من امرأة...تلك المرأة التي كانت من قبل الاسلام في عصور الجاهلية تورث مع متاع الرجل لبنيه و ذويه.


و لنا في كتب التراث و الروايات المذكورة عن الرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام ما يوضح دور المرأة و اهتمامها بالشأن العام و تقدير القادة لهذا الدور و تفعيله و كيف وضعوا ثقتهم في المرأة و طورا من دورها حتى انها ركبت البحر و من قبل كانت لا تشارك في الحرب و تولت شئون الحسبة في بيت المال و كان يفترض ان يستمر دورها في التطور الا ان عصور الظلام و الانتكاسة الحضارية التي مر بها المسلمون عطلت ذلك او فلنقل اجلته
في كتب التراث روايتان لامرتان تجادلتا مع عمر: المرأة الاولي تلك التي قالت اتق الله يا عمر ان من خاف الموت خشي الفوت ثم استمرت تنصحه و تعظه حتى لام عليه احد اصحابه انه يستمع لها فاخبره ان هذه المرأة هي التي استمع الله لها من فوق سبع سموات اف...لا يسمع لها عمر....و انها لو اجلسته تعظه لما تركها الا للصلاة المكتوبة....اما المرأة الاخرى في التي جادلته في قراره بتحديد المهور بحد معين رحمة بالشباب و لكن المرأة نبهته ان ذلك غير موجود في كتاب الله و اتت بدليلها من كتاب الله "اذا اتيتموهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا" فما كان منه الا ان قال اصابت امرأة و اخطأ عمر..
هذا غيض من فيض من احترام المرأة حتى من اشخاص اشتهر عنهم شدتهم و قوة شخصيتهم و حتى رويت عنهم مواقف يشددون فيها على النساء مثل ما روى عن عمر انه امتعض من النساء اللائي يرفعون اصواتهن فوق صوت النبي و عتابه و لومه على امهات المؤمنين - تفسير سورة التحريم - بل يروى عنه قوله ان معشر قريش كانوا قوما يغلبون النساء...و من اسخف ما يمكن ان يتجاهل الفقهاء اصحاب الآراء المقيدة للمرأة دلالات حواراته رضى الله عنه مع النساء اللائي جادلنه و رد فعله تجاه آرائهن كما ورد في الرويات الشهيرة و يكذبون هذه الدلالات و يتحايلون لنفيها بينما يستفيضون في تفسير دلالات قوله هذاعن غلبة النساء....و لكن تلك نقرة و هذه نقرة اخرى سيدنا عمر كان رجل حقيقي يتعامل برجولته الفطرية و قوة شخصيته التي انعكست على حزمه في تطبيق الشرع حتى قال عنه الرسول صلى الله عليه و سلم انه اشد الناس في امر الله لكن من جهة اخرى فإن احترام انسانية المسلم رجلا كان او امرأة هو من صميم امر الله و هكذا احترم عمر رعيته رجالا و نساء و حتى اطفالا و يهمنا هنا رؤيته للمرأة و احترامه لها
و يروى عن سيدنا عمر ايضا انه ولى امرأة تدعي الشفاء بنت عبد الله على بعض من امور الحسبة و هي تشبه القضاء و لكن ليس فيها الاحتكام للمظالم و انما لها دور رقابي على الاسواق و التجارة و يهمنا هنا انه ولاها منصبا مهما في الدولة الى جانب ان الروايات اوضحت احترامه لها و اعتداده برأيها لما اشتهر عنها من علم...و كما قلت كان تلك درجة من سلم الارتقاء بدور المرأة في المجتمع فهل لو كان الارتقاء استمر على نفس الوتيرة كان سيتيسر للمرأة ان تتولى رئاسة الوزراء او حتى رئاسة الجمهورية في العصر الحالي !!
نفس التطور الذي كان يتوقع في نظرة الاسلام للمرأة كان متوقعا في نظام الحكم.....بمعنى: الاسلام يتميز بانه دين عقيدة و شريعة لكنه لم يفصّل هذه الشريعة و لكن فضل ان يرتقى بالانسان عقليا و اخلاقيا و وجهه ناحية قواعد راسخة من الشريعة الربانية للبناء عليها فمثلا في مسألة مثل نظام الحكم اعطى فقط بعض اللبنات الاولى لم يفصل كيف يكون اختيار الحاكم و كيف يحكم و لكن امر بالشورى اى احترام الرأى و وجه النبي الى سنة المبايعة اى التصديق قبل تفويض السلطة و على هذه اللبنات كان يفترض ان يبنى نظام الحكم فبدأ نظام الخلافة اولا و لم يكن مورثا لكنه كان مثل الملكية مستمرا لما شاء الله...لكن كما قلت الانتكاسة التى مرت على الامة الاسلامية غيرت الكثير حيث الغيت الشورى و عاد نظام الحكم الى الملكي المورث و ان كانت حضارة المسلمين في تلك الفترة حضارة دنيوية ازدهرت فيها العلوم و البناء لكنها اغفلت التوجيه الديني فانشغل الخلفاء بزخرف الدنيا و اهملوا الشريعة بل اخضعوا لهم بدلا من ان يخضعوا هم لها فانعكس ذلك على الفقه الاسلامي نفسه فاصبحنا نرى احاديث وضعت ذات غرض سياسي و اخرى وضعت لتكريس عادات و تقاليد باليه لكن اعطيت لها صبغة دينية مثل كثير من الاحاديث الموضوعة لكن للاسف مشهورة تحقر المرأة و مازال كثير من الاحاديث في حكم الصحيح و يكرس لمفاهيم مغلوطة تجاه المرأة و يقلل من اهليتهاو منها طبعا الحديث الصحيح لا يفلح قوم ولوا امرهم امرأة....و هكذا يرفض الكثيرون بتعنت ذكوري فج ان تتولى امرأة رئاسة الجمهورية او حتى رئاسة الوزراء متحججين بالشرع رغم ان انفتهم الذكورية بادية من رأيهم حتى لو كانت امرأة هى التى ترفض ذلك فانها ستعلل باسباب من منطلق ذكوري ايضا
و للنظر عندما رفض احد العاملين بمجلس الدولة تعيين نساء كقاضيات و لنرى حججه الذكورية:
"المجهود الجبار الذى يقوم به القضاه من انتقال وسفر وحضور جلسات ومداولات تستمر لساعات المرأة والله لن تستطيع القيام به مما يجعلها عبء على الرجل ولو لاحظتى ان القاضيات المعينات فى القضاء العادى متوطنين فى محال اقامتهم وهم بذلك متميزين بميزة كبيرة جدا لايتميز بها الرجال
ولكن اذا اردنا المساواة فلماذا لانشاهد القاضية من القاهرة او الاسكندرية وتعمل فى قنا ونجع حمادى وهذا هو السائد فى القضاة الرجال
المداولات فى الجلسات الكبيرة ذات القضايا الكثيرة تتم فى الاستراحة ولكن لما الدايرة يبقى فيها حرمة وبالتالى لاتستطيع ان تذهب الاستراحة المخصصة للرجال والتى بها القضاة والعمال والحرس فالعمل هو بقاء الرجال فى المحكمة ببدلهم واحذيتهم وبعد انتهاء الجلسة والمكوس لساعات للمداولة مع الحرمة القاضية فواحدة ترهق الدائرة
أحنا مثلا نتداول فى غرفة النوم فى الاستراحة مع زملائى واحيانا على منضدة السفرة ولكن لو ربنا كرمنا بحرمة سنجد ان التعليمات امرت بان يكون التداول والذى قد يستمر لعشر ساعات يوميا فى المحكمة وبالذى الرسمى من اجل عيون الحرمة ">>> يرفض لانه يشعر بعدم الراحة بسبب وجود النساء حوله!!
اما الرئاسة فهي امر مختلف فهي في نظر الفقهاء ولاية و لما كان المسلمون معتادون على ولاية عامة مطلقة و ليس عمل المؤسسات رفضوا رفضا تاما ان تتولاها امرأة من منطلق الحديث آنف الذكر و كل من يؤيد رئاسة المرأة في العصر الحالي يؤيد ذلك انطلاقا من ان الرئاسة لم تعد كما في السابق ولاية عامة مطلقة و كما قالت المستشارة نهى الزيني ان الرئيس يعتبر موظف في الدولة و بفهمي البسيط موظف و من ضمن طاقم ادارى في مؤسسة.. المؤسسة نفسها هي التي تدير الدولة و ليس الرئيس بشخصه
بفهمي البسيط التطور في نظام الحكم في الاسلام بتأسيس على لبنات الشرع الحنيف كان يفترض ان يصل بنا لنظام ديموقراطي مثالي كامل حتى افضل من ذلك النظام الغربي ذو الجذور اليونانية و المسمى اليوناني "ديموقراطية" و التي مازالت معيوبة
نفس التطور كان يجب ان يعادله و يناظره تطور في دور المرأة في المجتمع لتكونها في المكان المناسب لها لتساهم بأى شكل تستطيعه في النهضة بالامة
في عبارتي السابقة قلت بأى شكل تستطيعه و لم احدد ذلك الشكل..هل هو الرئاسة او حتى المكوث في البيت فكلٌ لما خُلق له هناك نساء يبدعن و هن في البيوت و هناك اخريات ابداعهن و عطائهن اكبر و افضل خارجه و لا تفضيل لهذه على تلك
اما عن علاقة مساهمة المرأة بمساهمة الرجل فيما يخص العمل خارج المنزل و في المناصب العليا في الحكم فهذا شخصيا لا اتوقع فيه التساوي و لكن ربما التنصيف او نسبة اقل قليلة من التنصيف فلو هناك مئة رجل يصلحون للوزارة او الرئاسة فمن الجيد ان نجد خمسين امرأة يصلحن و يتمتعن بمؤهلات لا تقل كيفا عن مؤهلات الرجال المائة و ربما تتفوق عليها و لو كانت هذه النسبة اقل قليلا فلا عيب في ذلك ايضا فلا يجب في ظل دعواتنا لدفع المرأة للعمل و للمناصب ان ننسيها دورها الاساسي في تربية النشء و لا يجب ان نضغط عليها فتتناسى هذا الدور و هنا يبدو لي خطأ ثقافة المساواة السائدة في الغرب فيصرون مثلا على تنصيف مناصب الحكومات بين الرجال و النساء كما رأينا في الحكومة الفرنسية التي شكلها ساركوزي في بداية توليه كان ملحوظ جدا زيادة عدد الوزيرات و ايضا الضغط على المرأة للخروج و العمل و اثبات الذات بداعي المساواة و كأن الالتزام برعاية الاطفال في المنزل يقلل من حقها في العدل في الحقوق و المساواة في التكريم و الاحترام و كأن الالتزام بالمكوث في البيت لتربية النش ليس فيه اثبات للذات..!! ارفض هذه الفكرة تماما و لكن وجهة نظري ببساطة ان لبعض النساء امكانيات و هن معطائات و المجتمع يحتاج لعطائهن و الذي قد لا يوجد رجل يعوضه او يحتاج المجتمع لهذا العطاء حتى لو كان هناك آلاف الرجال لديهم مثله حتى لو كان هذا العطاء في منصب كمنصب الرئاسة مثلا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق